ملتقي ابداع طلبة جامعة الحديدة منتدى الابداع والتميز ملتقي العطاء بلا حدود الى الافضل |
|
| ابو الاحرار:محمد محمود الزبيري رحمه الله | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
صادق عضو جـــديــد
عدد المساهمات : 6 نقاط : 15 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 22/04/2009
| موضوع: ابو الاحرار:محمد محمود الزبيري رحمه الله الخميس يونيو 18, 2009 12:12 pm | |
| ولد الشاعر المجاهد محمد محمود الزبيري في سنة 1328هـ - 1910م في حارة بستان السلطان بمدينة صنعاء، حفظ القرآن الكريم صغيرا وكان ندي الصوت بالقرآن يحب الناس أن يستمعوا إليه وإذا استمعوا إليه أنصتوا وخشعوا. بدأ دراسته في الكتاب ثم المدرسة العلمية ثم بجامع صنعاء الكبير وكان هاويا للمطالعة هواية ملكت عليه لبه، ونظم الشعر وهو دون العشرين من عمره. ثم ذكر العقيل أن الزبيري حج سنة 1937م وقابل الملك عبدالعزيز في مكة المكرمة وألقى قصيدة في الحفل الذي كان الملك يقيمه سنويا هناك ثم مكث في مكة إلى سنة 1939م ثم سافر إلى مصر والتحق بكلية العلوم وتعرف هناك على الإمام البنا والفضيل الورتلاني كما تعرف على مبادئ الاخوان المسلمين وعلى الفكر الثوري الجزائري وكان الإمام البنا يهتم به كثيرا هو والمسمري لكونهما متميزين. ثم ذكر العقيل تنقلات الزبيري بين اليمن والقاهرة وعدن وغيرهما وعن ثورة 1948م وغير ذلك سواء في هذه الحيثية أو في سواها من مفردات الحديث عن شخصية الزبيري مما هو معروف لدينا جميعا ومن أجل ذلك ضربت صفحا عنه فلم أذكره. ثم ذكر العقيل أنه تأثر كثيرا بشعر الزبيري وذكر أن أول قصيدة تأثر بها للزبيري هي قصيدة (عالم الإسلام) واقتطفت منها هذه الأبيات: هذه روحه وهذي جنوده فليحاذر من بشر يريده نام نومة الموتى فظنوه ميتا وازدهاهم هجوعه وهموده وإذا عالم من البأس والإقدام يستقبل الحياة وليدة يا وفود الإسلام تاريخكم ضخم ولكن هل فيكم من يعيده انتم عالم من المغرب الأقصى إلى الشرق خافقات بنوده عالم واحد وإن زعمته ألف شعب ثغوره وحدوده سوف يبقى حقيقة تملأ الأرض ويفنى عدوه وحسوده ثم قال عنه العقيل: وحين توثقت الصلة (أي بينه وبين الزبيري) أدركت أن الرجل ليس شاعرا فحسب بل قائد متمرس ومجاهد صلب وسياسي بارع ومثقف واع وله اطلاع واسع على مجريات الأحداث وأوضاع العالم العربي والإسلامي ومشكلات المسلمين وقضاياهم. كان طلق المحيا يهش في وجوه الجميع ويتناول القضايا والمشكلات بأسلوب متوازن.. فيستمع إلى آراء الجميع وينحاز إلى الرأي الذي يعضده الدليل وقوة البرهان ويخرج الجميع برأي واحد عن قناعة ورضا وتسليم. فإن الإرادة الصلبة التي تميز بها الأستاذ الزبيري والعمل الدؤوب الذي هو طابعه بالليل والنهار والإصرار العنيد على تحقيق الهدف، وقال عنه أيضا: الذي اجتمعت عليه القلوب ووثق بها لناس لإخلاصه وصدقه ونزاهته وطهارته فكان يتحرك بالإسلام وللإسلام وفي سبيل الله وابتغاء مرضاته. ويقول الأستاذ أحمد الجدع: إذا أردت أن تتحدث عن اليمن الجمهوري فلا بد لك أن تذكر الزبيري وإذا أردت أن تتحدث عن الشعر في اليمن فلا بد لك أن تذكر الزبيري أيضا وإذا تحدثت عن الثورة اليمنية ولم تتحدث عن الزبيري وشعره فإنك لم تتحدث عن أهم دعائم هذه الثورة، فالزبيري شاعر أشعل ثورة اليمن بشعره وقاد مسيرتها بشعره أيضا وهو لذلك استحق من مواطنيه أن يلقب بـ»أبي الأحرار وشاعر الثوار». من مؤلفاته المطبوعة حسب العقيل نفسه: (ديوان ثورة الشعر، ديوان صلاة في الجحيم، ديوان نقطة في الظلام، الإسلام دين وثورة، دعوة الأحرار ووحدة الشعب، الإمامة وخطرها على وحدة اليمن، الخدعة الكبرى في السياسة العربية، النعمان الصانع الأول لقضية الأحرار في اليمن، المنطلقات النظرية للثورة اليمنية، مأساة واق الواق، بحوث ومقالات سياسية وأدبية). وذكر العقيل أن المخطوط للزبيري كثير جدا لدى أصدقائه وأفراد أسرته، وقد استشهد الزبيري في 31/3/1965م.
محمد محمود الزبيريّ حياةً وشعراً * د. عبد الله البار 16/07/2008 نقلا عن يومية الثورة64717) [U]تمهيد: محمد محمود الزبيري (شاعر اليمن), (ضمير اليمن الثقافي والوطنيّ), (شاعر الوطنيّة), (أديب اليمن الثائر), (شاعر الثورة اليمنيّة)... إلى آخر ما هنالك من نعوت خصّ بها هذا الشاعرُ الثائرُ والثائرُ الشاعرُ, وهما صفتان تتداخلان فيه حتى لتجعلا حياته وشعره علامة واحدة كلتا الصفتين فيها دالٌّ ومدلولٌ، ومن هنا قرئ شعر الزبيريّ من خلال سيرة حياته وأحداثها ووقائعها, وإنما ذلك بسببٍ من تضمّخ شعره بنفحات من عبير حياته وأحداثها ووقائعها حتى تراءى سجلاً يسرد تاريخ الرجل السّياسيّ وسيرته الثائرة. على أن ذلك ليس بمانعٍ أحداً من أن يعمد إلى الإشارة إلى أبرز الوقائع في سيرة الرجل ثم يخلص إلى شعره ليتأمل متنه, ويجلو خصائصه ليتعرّف على هويته الإبداعيّة كما جلاها ذلك الشعر وأَبْرَزَ ها. فمن (الزبيريّ)؟ وما أشهر خطوط حياته وأولاها بالذكر؟ وأين يكون موقعه بين شعراء العربية في زمنه وفي هذا الزمان؟ حياته: أما اسمه بالإجمال فهو محمد محمود الزبيري، وأما اسمه بالتفصيل فهو (محمد بن محمود بن أحمد بن لطف الباري الزبيري)، و(الزبيري) نسبة إلى (الزبيرات), وهي من مناطق أرحب شمال صنعاء, وقد نزحت أسرته منها إلى صنعاء منذ زمن طويل, فهي (من الأسر المدنية الصنعانية التي لم يعد لها من الانتماء القبليّ إلا الاسم فقط). ولد الزبيري الشاعر في عام 1337هـ الموافق 1919م, وترعرع طفلاً في كنف والده حتى أتمّ العاشرة من عمره حين توفي والده عام 1347هـ فنشأ الشاعر يتيماً (يرعاه ابن عمه عبد الله لطف الزبيري). فهل لهذا اليتم أثر في نزوع الشاعر الزبيري في صباه إلى التصوف وممارسة الزهد والانسحاب من بهرج الحياة وزخرفها البراق؟ إن الزبيري يقرّ ذلك على حياءٍ فيشير إلى إيثاره حياة الزهد وعوالم التصوف على ما عداها في قولٍ مجملٍ لا تفصيلَ فيه. قال في (قصتي مع الشعر), وهو المقدمة التي افتتح بها ديوانه (ثورة الشعر): (بدأت حياتي طالبَ علم ينحو منحى الصوفية في العزوف والروحانية, وتعشقت هذا اللون من الحياة رغم اليتم والشظف والقلة, ونعمت به كما لم أنعم بشيءٍ آخر بعد ذلك. ولم يستطع أن ينتزعني من هذه الأجواء غير نشدان الشعر والأدب, وتعشقت الحياة الأدبية وهمت بها هياماً, ولم تستطع أن تصرفني عنها وتصدّني عن التفرّغ لها إلا المعارك النضالية السياسية التي تمخضت عنها الحياة الأدبية). وهنا نتلبّث قليلاً لنتأمّل في المنحى النفسي في حياة الزبيري, والمقصود به (انتقال الشخص إثر تجربة حادة من نقيضٍ إلى نقيضٍ, من ولعٍ بالحياة إلى الزهد فيها, أو من تكاسلٍ إلى حميةٍ ونشاطٍ, أو من تفاؤلٍ مطلقٍ إلى تشاؤمٍ سابغٍ ). فحياة الزبيري في كنف الأب كانت نعيماً لا تكدّر صفاءه شائبةٌ، ثمّ جاء موت الأب مثيراً استجابت له نفسُ الصبيّ بالانسحاب من حياة العامة، وإيثار الزهد وعوالم التصوف لما فيها من إحساس ببرد الرضى ونعيم القناعة. فمضت به الحياة رخيّة حتى فاجأه الشعر قرزمةً فالتذّ بما صنع وتطلب حالاً غير الذي كان عليه من قبل, فكان الخروجُ من قمقم (التصوف) استجابةً لهذا الحافز المثير الذي حرّك الكامن في نفس الفتى وهيأه لحياةٍ غير التي ألف. ومضى على ذلك سنواتٍ قليلةً اكتشف فيها الزبيري قدراته على نظم الشعر فسعى إلى ممارسة ذلك النظم في بعض قصائد مقرّظاً أو مادحاً بعض الملوك العرب وأمرائهم أو مشاركاً في مناسبات قومية. وفي تلك القصائد تراءت قدرة الشاعر الزبيري على سبك الكلام وحبكه وتحسينه وإجادة صوغه وحوكه مما ينبئ عن مولد شاعر يتوجّب عليه العكوف على صنعة الشعر والتعبّد له ليخرج مصقولاً محكم النسيج رائق الصياغة, وتلك هي مرحلة القرزمة وبداية الاستعداد لتلبّس صفة الشاعر في حياة الزبيريّ. ولقد غدا الشعر سبباً في خروجه من عوالم التصوف وقمقمه, وولوجه حياة تعجّ (بالمعارك النضالية السياسية), فتفتّحت عيناه على صورٍ لم تجر بخلده وحسبانه, فهاله وجودها في بلاده, وتأبّي زوالها على يسر ذلك وسهولته, ناهيك بما رأى وأبصر من مرائي تغيّرٍ وتطوّرٍ في المجتمعات التي قدّر له أن يطوف بها زائراً كالمملكة العربية السعودية, أو طالبَ علمٍ مثل مصر, فتمنى أن يرى في بلاده كلّ ما رآه في سواها أو قُلْ بعضه على أقلّ تقدير , لكنّ ذلك لم يكن, والأمرُّ أنه أرغم على الصمت فتفجرت في أعماقه براكين الثورة, وانشغل بها عن سواها, فلم يعتنِ بصناعة شعره, ولا بالعكوف عليه عبداً له ومحككاً صنعته حتى يرقى في سلّم مجد الشعر درجاتٍ عُلَى, وإنما اتخذ منه مطيّة ذلولاً يحارب بها عدواً ألدَّ وخصماً عنيداً ليظفر بخلاص المجتمع من البؤس والتخلف والاستبداد, وهو ما استقامت عليه حياته منذ وعاها حتى وافته المنية مقتولاً غيلة في إبريل عام 1965م. شعره: | |
| | | صادق عضو جـــديــد
عدد المساهمات : 6 نقاط : 15 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 22/04/2009
| موضوع: رد: ابو الاحرار:محمد محمود الزبيري رحمه الله الخميس يونيو 18, 2009 12:14 pm | |
| شعر الزبيري استجابةٌ (لغويةٌ) لمثيرٍ واحدٍ وهو موقف الزبيري من حكم الإمامة في اليمن, فغدا لذلك صوتاً واحداً لا يتعدد, ولا تتنوع فيه (الألوان) متداخلةً متعاقبةً متراسلةً, وإنما هو نغمةٌ واحدةٌ تتوالى على مقامٍ واحدٍ هو مقام الرفض وما يتماهى معه من تنديدٍ وتحريضٍ وإيقاظٍ, فخبت كل مشكلات المجتمع والأمة والإنسان ــــ إلا قليلاً لا يكاد يلفت ـــــ وتوارت قضاياهم بالحجاب ولم يَعْلُ على سطح القصائد إلا موقف الشاعر من الأئمة ورغبته في إصلاح حكمهم تارة, ثم دعوته لإزالة ذلك الحكم على أية صورة من صور التغيير, انقلاباً أم اغتيالاً أم ثورةً تارة أخرى. على أن ذلك لا يعني أنّ هذا الموقف ذو بعد شخصي خاص, فقد علا على أن يكون كذلك, وإنما هو موقف مصلحٍ يروم للشعب حالاً غير الذي هو فيه, ويسعى إلى إصلاحه ما استطاع إلى ذلك سبيلاً, لكنه اصطدم بعقبة كأداء تحول بينه وبين ما يرغب فيه, وهي الحكم الإماميّ السائد يومذاك, فنشأ من ذلك هذا الموقف التقابلي بين المصلح والحاكم المستبدّ, بين إصلاح الموجود ومجاوزته إلى تحقيق المنشود وحرص الحاكم على إبقاء الحال على ما هو عليه، حيث لم يَرَ ولم يُرِ الآخرين إلا ما رأى ولا غير. ومن هنا ارتقى إحساس (الزبيري) بالمشكلة, وغدت القضية عامة تتصل بالشعب الذي هو غاية الدعوة إلى الإصلاح, ومقصد كل مواجهة مع كل حاكم يستبدّ به, ويسعى إلى إذلاله. قال: علت بروحي همومُ الشعبِ وارتفعت بها إلى فوق ما قد كنت أبغيه وخولتني الملايين التي قتلت حقَّ القصاصِ على الجلاد أمضيه عندي لشرِّ طغاة الأرض محكمةٌ شعري بها شرُّ قاضٍ في تقاضيه أذيقه الموت من شعرٍ أسجّره أشدّ من موت عزريلٍ قوافيه لعلّ هذه الأبيات من خير المداخل إلى حياة الزبيري وشعره في آنٍ، أما من جهة (الحياة) فلقد منح النضالُ من أجل الحرية وخلاص الوطن من بواعث تخلّفِه حياة الزّبيريّ معنى سامياً, وملأها شموخاً وعزة, وأضحى وهو مفزعُ أمة وقائدها من ظلمات الجهل إلى فضاءٍ كلّه حريةٌ وتطور ونموٌّ, ولعلّه لولا ذلك ما كان الزبيري إلا شخصاً خاملاً لا ذكر له, وإن بدا صالحاً تقياً محمودَ السيرة, أتراه لهذا كان اتجاهه إلى التصوف في مبدأ أمره؟! أما من جهة (الشعر), فإنّ المحور الأعظم والتجربة الكبرى التي يدور حولها شعر الزبيري هو مغالبة تلك الهموم, ومجالدة ذلك الجلاّد ومحاربته ومنافحته نيابةً عن الشعب. وقليلةٌ هي القصائد التي اشتملت على تجارب تنزاح عن هذه التجربة, ومن هنا جاز وصف شعره بأنه ذو صوت واحد لا يتعدد ولا يتنوع, وصحّ لآخر أن يقول فيه إنه (قد جعل الشعب وقضيته كلّ موضوعات قصائده, فدعا إلى الدستور وبكى مصرعه, وناضل الطغيان في عدة أساليب من الشعر والنثر لكثرة اتصال وجدانه بقضية الشعب). لكنه لم ينظر إلى الشعب في أحواله الأشتات, ومشكلاته المتعددة, وإنما حصره في قضية واحدة هي الموقف من الحاكم المستبدّ ولا غير, فهو يوقظ الجماهير لتثور على الحاكم, ويندد بها لأنها لم تسعفه وتؤازره في صراعه مع الحاكم, ويعود ثالثة إلى مباركتها والإعلاء من شأنها لأنّها حاولت مرة أن تثور على الحاكم ولا غير. هكذا هيمن (اشتغاله بالحاكم عن همسات المحكومين وخصائص أرضهم) على وجدانه, وصرفه عن كلّ شيء عداه, وغطّى موقفه من الأئمة كائنة ما كانت صورته عليه كلّ السبل إلى سواه من المواقف والرؤى فانحصر فيه, وبدا شأنُه شأنَ (الشّعراء العذريين) في تاريخ الشعريّة العربيّة, كلُّ النساء(ليلى) عند (قيس) ولا غير, وكلّ امرأة أو موقف في الحياة تعيده ــــ مهما تطاول وامتدّ ــــ إلى حيث (ليلى) قابعة في قلب (قيس), وقل مثل ذلك في شعر الزبيريّ, فما من موقف إلا يعيده إلى جوهر الموقف الشعوريّ الذي تملّك إحساسه وغار في أعماقه وغطّى عليه كلّ سبيلٍ إلا سبيله الأوحد. أضلني وهمُ شعرٍ كنت أنسجه سحراً يحوّل قلبَ الصخرِ ألحانا وهالني شؤمُ ما استكشفت من جثثٍ قد كنت أحسبها من قبل تيجانا فرحتُ أشعلُ بالقيثار مقبرةَ الموتى, وأنفض أغلالاً وأكفانا أصبو إلى أمّتي حباً وأبعثها بعثاً, وأبني لها بالشعر بنيانا أصوغ للعمي منه أعيناً نزعت عنهم, وأنسجه للصمّ آذانا وما حملت يراعي خالقاً بيدي إلا ليصنع أجيالاً وأوطانا يخاله الملكُ السّفاحُ مقصلةً في عنقه ويراه الشعب ميزانا وهذا شعر يعلو عن أن يكون (إحيائياً) كما زعم بعضهم في وصفهم إيّاه, وإن بدا المنزع الكلاسيكيّ مهيمناً عليه وغالباً على أدواته التشكيليّة وطرائق بنائه، وإنما يعود ذلك الحال إلى أن اعتناء الشاعر بالتعبير عن (الفكرة) يفوق اعتناءه بشكل التعبير وطرائق تشكله في النص, فغدت القصيدة مطية ذلولاً يعلوها الشّاعر لجلاء موقفه من هذا الحال أو ذاك. وإنّ من صور هذا المنزع الكلاسيكيّ اتكال النص على (الواقعة) التي تملأ الصدر بما يجيش به فينطق به اللسان, فغدت لذلك مصدر الوحي الشعري, وارتبطت به ارتباطَ الاستجابة بمثيرها, فإذا خطب الإمام خطبة نارية توعّد بها وتهدّد نظم الشاعر (خطبة الموت) واتخذها مناسبة للتنديد ومهاجمة الإمام, وإذا خرج الأحرار من صنعاء إلى عدن كتب الشاعر (الخروج من اليمن.... السجن الكبير), وإذا أعلنوا عن اتحادهم الميمون ألقى في المناسبة (صيحة البعث)... وهكذا. وهو لا يفرق بين واقعة وواقعة ما دام فيها ما يحثّ على القول ويثير الرغبة في النظم. لكنه أحرص ما يكون على أن يتلبّس حديثه عن الواقعة نقداً للحكم القائم وتنديداً به، لأنه بجميعه وبكليته واقعة مثيرة يستجيب لها الزبيريّ بالشعر, وغدا الهجوم على الأئمة (غرضاً) يتخذ صوراً, فتارة هو (شعر الإيقاظ الجماهيري), وتارة هو مواجهة مع (الإمام) فيتوجه إليه بالقول اللاذع, ويعلنه بالتحدي الصريح وإن كان في ذلك ما فيه من الأذى, وتارة هو تعبيرٌ عن آلام الذات وآمالها, وشكواها من الدهر ومصائبه وأهواله, ورصدٌ للذبذبات النفسية والفكرية التي تكابدها الذات في شتى أحوالها. وهنا يعلو شعر الزبيري عن أضرابه من شعراء عصره من حيث إنّه يشفّ عن وجدان حيّ تتلون حالاته ويجسّد ما يعتمل في أعماق الذات في نغمة تنبئ عن انبثاق النص من ثنايا تجربة حية متوقدة. وتلك كلها صور تجمعها خصائصُ قولٍ واحدةٍ تتمثّل في استخدام اللغة وسيلةً لنقل (الفكرة), وذريعةً لتجسيد الإحساس, فليست هي غايةً في ذاتها. وهنا يتعاظم (المدلول) على (الدال), وتغدو (العلامةُ) مشطورةَ الكيان إلا فيما ندر. وتبدو(الخطابية)أداة النص في إنتاج الشعرية, فيعلو الضجيج على الهمس, وتهيمن (المباشرة)على (التخييل) فيخلو الشعرُ من (الرمز), ويغيب الغموضُ, ويجيء التصويرُ بسيطاً ساذجاً معتمداً على تشبيهٍ سهلٍ, أو استعارةٍ مبذولةٍ يعيها المتلقي دون جهدٍ وعناء. وتنحصر المفردة عند حدّ(المواضعة) فيقف (الكلام) عند درجة الصفر ولا يجاوزها مكتفياً باستثارة (المتلقي) بالأفكار المقززة (الشّعب مخلوقٌ حقير/ ضمير الشّاعر ليس أكثر في الحياة من الحمير/ والنّاس بين مكبل في رجله قيدٌ وفي فمه البليغ لجام...)، أو الاتهام الجارح المهين (الإمام باطشٌ لجّ في بطشه/ داس البلاد وأخنى بها/ وهو لصٌّ دبّ لأمّته في الظلام دبيب اللصوص لأسلابها/ وسلطته بربريّة/ ويمناه من دم الشّعب رويّة...). وفي اتكال القصيدة في شعر الزبيري على ما يجيش به الصدر ما يُخْليها من تشكيلٍ ومعمارٍ, فتتراصّ الأبياتُ بيتٌ فوق بيتٍ, وتنعدم الوحدة العضوية بين أجزائها بسببٍ من ذلك, وتلك خصيصة أسلوبية للمنزع الكلاسيكيّ صلةٌ بها, وإنّ من صورها في النصّ إضافةً إلى ما قد سلف هيمنة (الشفاهية) عليه, وهي تتمثل في تكرار الصيغة, وجهارة الإيقاع, وعلوّ الجرس, ناهيك باستخدام ظواهر إيقاعية تولدها البنية البديعية على نحو ظاهر النغم كالترصيع والتجنيس وما إلى ذلك. وجميع ذلك وسواه خصائصُ أسلوبيةٌ تمنح نظم الكلام في ديوان الزبيري هويةً إبداعيةً مستقلّةً, فيتجلّى صوتاً متميزاً في عالم الشعر الذي تتعدد فيه الأصوات متكاثرة, وتتنوع متداخلة. | |
| | | عبد الواسع الرمانه المدير العام
الجنس : الابراج : عدد المساهمات : 436 نقاط : 917 السٌّمعَة : 2 تاريخ التسجيل : 20/04/2009 العمر : 37 المزاج : حلوووووووو
| موضوع: رد: ابو الاحرار:محمد محمود الزبيري رحمه الله السبت يونيو 20, 2009 1:09 pm | |
| الف الف شكر حبيبي الغالي الله ينور عليك تسلم يا غالي | |
| | | ماجد العريفي نائب المير العام
الجنس : عدد المساهمات : 119 نقاط : 173 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 25/04/2009 الموقع : www.yemen22.mam9 المزاج : أهوى العلم والتعلم
| موضوع: رد: ابو الاحرار:محمد محمود الزبيري رحمه الله الأحد يوليو 19, 2009 2:22 pm | |
| مشكووور أخي صادق موضوعك جميل جدا جدا فتقبل مروري المتواضع تحياتي | |
| | | | ابو الاحرار:محمد محمود الزبيري رحمه الله | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |
|