عبد الواسع الرمانه المدير العام
الجنس : الابراج : عدد المساهمات : 436 نقاط : 917 السٌّمعَة : 2 تاريخ التسجيل : 20/04/2009 العمر : 37 المزاج : حلوووووووو
| موضوع: مَدخل إلى الأدب اليَمني الحَديث ـــ الأربعاء مايو 06, 2009 12:04 am | |
| مَدخل إلى الأدب اليَمني الحَديث ـــ هشام علي بن عَلي -1- هذا التمهيد الذي نقدمه كمفتتح لملف عن الأدب اليمني الحديث، يتوخى أن يعرف بالأدب في هذا الجزء من الوطن العربي، الذي يمثل البدايات التاريخية العميقة للأمة العربية. ولئن كان أسلافنا قد عملوا على تحقيق اتصال بين الشمال والجنوب، هذا الاتصال الذي كان أساساً لتجميع وإيلاف الأمة العربية، والذي ورد ذكره في القرآن الكريم "لإيلاف قريش..". فقد كانت القوافل التجارية تقطع صحراء الجزيرة من اليمن إلى الشام، وتحمل مع البضائع، العادات والتقاليد، الشعر والنثر، فتحقق تواصلاً ثقافياً في أسواق العرب الشهيرة، تطمح إلى تجديدها، وتخفق الأسابيع الثقافية التي تقام بين فترة وأخرى، في تحقيق نجاح مماثل وتواصل مستمر. واتحاد الكتاب العرب، الذي يفتح لنا صدره ويستضيفنا على صفحات مجلته الأدبية الرائدة "الموقف الأدبي"، إنما يحاول تجديد سنن أصيلة، وإنشاء تقاليد جديدة، نحتاجها كثيراً في هذا الزمن، الذي تقطعت فيه أواصر القربى العربية، وفتحت فيه بوابات المدن العربية للغرباء قبل الأنسباء. والحديث عن الأدب اليمني ليس تحليقاً خارج المدار العربي، بل هو غوص في أعماق الأدب العربي، وليس التخصيص بديلاً للتعميم ولكنه تأكيد له. فهذا الأدب الذي ينطق بلسان عربي مبين، لا يمكن إلا أن يصب داخل هذا النهر المشترك للأدب العربي، الذي يتجمع من منابع كثيرة، تحمل خصوصية معينة، لكنها لا تلغي الهوية المشتركة للثقافة العربية، بل تؤكدها بما تحوي من تنوع وتعدد. أنها أصوات تجمع بينها نسيج هارموني واحد وتشكل إيقاعاً متناغماً وأصيلاً. لذلك فهذا الملف يقدم الصوت اليمني في نشيد الإنشاد الذي يتمثل كلاً واحداً في الأدب العربي الحديث. -2- نبدأ بتحديد البدايات. بدايات النهضة الأدبية والثقافية في اليمن. فلقد تأخرت حركة النهضة في اليمن عن النهضة في مصر وبلاد الشام حيث كانت أسبق إلى الاحتكاك بأوربا، التي وصلت إلى الشرق بأشكال متعددة، استعمار وحركات تبشير، تجارة واستشراق. تأخرت النهضة في اليمن لأسباب تاريخية، ولم تكن منفردة بهذا، إذ أن عدداً من البلاد العربية، لا سيما في المغرب العربي. كانت متأخرة عن مسار النهضة العربية لأسباب مشابهة. ولئن كانت النهضة العربية قد بلغت شأناً كبيراً في القرن التاسع عشر، إلا أنها أبدت انكساراً ملحوظاً عند نهاية هذا القرن، وهو ما حتم ظهور النهضة الثانية التي كان للأدب دور كبير فيها. وقد أثمرت هذه النهضة تجديداً هاماً في الأدب، فظهرت مدرسة الأحياء التي رفع لواءها البارودي وكان الأحياء مدخلاً لتجديد الشعر، سواء في الشكل أو في المضمون، وظهرت مدارس وتيارات متعددة، كالكلاسيكية الجديدة والرومانسية، وما إن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها حتى كان الشعر العربي يشهد ظهور الشعر الحر، الذي جاء مغايراً ومخالفاً لميثاق القصيدة التقليدية. ولم يقتصر الأمر على الشعر، بل إن الفن القصصي شهد تطوراً ملحوظاً، وبدأت الرواية العربية تكتسب شكلها المتميز كجنس أدبي يختلف عن المقامة أو السيرة الذاتية، ويرتبط بتطور المجتمع من جهة وبالتلاقح مع فن الرواية الأوربية من جهة أخرى. وقد وصلت آثار هذه النهضة الأدبية إلى اليمن، وكان الوسط الثقافي في اليمن يتابع ما يجري في مصر ولبنان والشام عن طريق المجلات والصحف أو عن طريق الرحلات والبعثات التعليمية. وقد كان الثلث الأول من القرن العشرين سنوات مخاض للأدب اليمني. ونستطيع القول إن الثلاثينات كانت بداية النهضة الثقافية والأدبية في اليمن، حيث نشهد العديد من الأنشطة الثقافية المتميزة، مثل صدور مجلة "الحكمة اليمانية" التي راس تحريرها أحمد عبد الوهاب الوريث، في ديسمبر 1938 واستمر صدورها عامين، وقد مثلت هذه المجلة مدرسة للفكر التنويري، وعلى صفحات هذه المجلة نشرت أول محاولة حديثة للكتابة القصصية. وفي عام 1939 صدرت أول رواية يمنية وهي بعنوان "سعيد" للكاتب محمد علي لقمان، الذي يعد رائداً للنهضة الثقافية في اليمن، حيث أصدر صحيفة "فتاة الجزيرة" في مطلع الأربعينات، التي ما لبثت أن تحولت إلى مؤسسة ثقافية، وألف كتاباً فكرياً مهماً بعنوان "بماذا تقدم الغربيون؟". ونلاحظ أن لقمان كان معاصراً فكرياً لما يعتمل في الساحة الثقافية العربية، سواء من حيث موضوع كتابه الفكري، هذا السؤال النهضوي الذي تكرر بعناوين مماثلة عند شكيب أرسلان ومحمد كرد علي وخير الدين التونسي وغيرهم. أو من حيث عنوان روايته التي كانت قريبة من السيرة الذاتية، وقد شهدت بدايات الرواية العربية تجارب مماثلة، سواء في مصر أو سوريا أو العراق. وقد شهدت الأربعينات نشاطاً أدبياً متميزاً حيث ظهرت الجمعيات والنوادي الأدبية مثل النادي الثقافي العربي ومخيم أبي الطيب المتنبي في عدن، وفي صنعاء ظهرت مجلة البريد الأدبي، وهي مجلة كانت تكتب باليد ويتم تداولها بين صنعاء وتعز، وفي نهايات الأربعينات أصدر عبد الله عبد الرزاق باذيب مجلة "المستقبل" وكانت تحمل في طياتها بذور الفكر الاشتراكي في اليمن. ويمكن أن نجمل أبرز العوامل التي ساعدت على بلورة النهضة الأدبية والثقافية خلال الثلاثينات والأربعينات: 1- ظهور الصحافة وانتشارها وظهور المجلات الأدبية والفكرية التي كان لها دور مباشر في ازدهار الأدب. 2- انفتاح اليمن على العالم الخارجي سواء عن طريق الاحتكاك المباشر، بفعل الوجود الاستعماري في عدن، أو عن طريق الامتداد الثقافي القومي مع المحيط العربي، حيث كانت الكتب والمجلات العربية تشكل مادة أساسية للنهضة الأدبية في اليمن. 3- تطور الحركة الوطنية والوعي السياسي والتلازم القائم بين السياسة والأدب حيث نجد كثيراً من الأدباء الذين أصبحوا قادة سياسيين، مثل محمد محمود الزبيري وعبد الله باذيب وغيرهما.
| |
|
عبد الواسع الرمانه المدير العام
الجنس : الابراج : عدد المساهمات : 436 نقاط : 917 السٌّمعَة : 2 تاريخ التسجيل : 20/04/2009 العمر : 37 المزاج : حلوووووووو
| موضوع: رد: مَدخل إلى الأدب اليَمني الحَديث ـــ الأربعاء مايو 06, 2009 12:06 am | |
|
4- انتشار التعليم وتوسعه وظهور جيل من المثقفين ثقافة عصرية حديثة، وهو الجيل الذي كان يعده الاستعمار لتسلم مقاليد الإدارة في عدن، بدلاً من الأجانب الذين كانوا يتولون الإدارة. غير أن الوعي الوطني المتنامي جعل هؤلاء المثقفين يقفون في صفوف الحركة الوطنية المطالبة بتغيير حكم الإمام وجلاء الاستعمار عن عموم البلاد. -3- يحتل الشعر المساحة الأكثر اتساعاً في الأدب اليمني، وقد استطاع الشاعر اليمني تخطي التأخر الزمني للنهضة الأدبية، وتمكن من مواكبة الحركة الشعرية العربية. ونضرب مثلاً على ذلك، فقد توازى انتشار الحركة الرومانسية في اليمن مع انتشارها في البلاد العربية، وركب الشعراء اليمنيون مع الملاح التائه على المركب نفسه. ومن بين أبرز الأسماء التي شكلت التيار الرومانسي في الشعر اليمني نذكر علي محمد لقمان، أحمد الشامي، إبراهيم الحضراني، محمد عبده غانم. وقد كانت الرومانسية في اليمن، وربما في البلاد العربية كلها، تقترب من التعبير الصوفي أو لنقل أن الرومانسية في اليمن كانت مؤتزة بإزار الصوفية. وقد كان الشاعر لطفي جعفر أمان أكثر الأصوات الشعرية التزاماً وتعبيراً عن التيار الرومانسي، وكان لوجوده في السودان في نهاية الأربعينات، أثر في ذلك، حيث كانت أصداء التيجاني يوسف بشير لا تزال قوية في التجربة الشعرية السودانية، كما كان تأثير ممثلي الرومانسية العربية كعلي محمود طه وجبران خليل جبران والشابي، قوياً وفاعلاً. ويستطيع القارئ لديوان لطفي الأول "بقايا نغم" أن يلحظ هذا التأثير بكل سهولة. ويمسك الشاعر عبد الله البردوني بالخيط الرومانسي ذاته، لكنه يتجه به منحى آخر، ويقترب به من الواقعية إذا جاز القول، وتبدأ قصائده تتخذ موضوعات لها، هموم الناس وقضاياهم، ويبدأ نقداً ساخراً للسياسة والمجتمع. وإن كانت القصيدة عنده تظل محافظة على الشكل التقليدي، مكتفية بتجديد الأفكار والمضامين. وقد اصبح البردوني ظاهرة متميزة في الشعر اليمني، بل وفي الشعر العربي عموماً، حيث تقدم قصائده نموذجاً حياً على قدرة الشعر التقليدي على التعبير عن مشكلات العصر وقضايا الناس، بعيداً عن أغراض الشعر التقليدية كالمدح والهجاء. ومع الشاعر عبد العزيز المقالح تتكثف تجربة الحداثة في الشعر اليمني، حين يظهر انشداده إلى الأصوات الجديدة في الشعر العربي الحديث، وأصبح بالفعل واحداً من أبرز الشعراء العرب المعاصرين. ولا تفوتنا الإشارة إلى الشاعر عبد الرحمن فخري الذي كتب قصائد نثرية متميزة، لكن تجربته لم تدم طويلاً، وخلد الشاعر إلى الصمت بعد إصدار ديوان واحد. وربما كان السبب يرجع إلى مغالاته في الحداثة التي يدعو إليها ويعبر عنها في شعره. ويمكن القول إن جيلاً من الشعراء قد أخذ يظهر في اليمن، وتميزت تجربته باتساع الأفق وخصوصية العبارة، وأذكر بعضاً من الأسماء المتميزة مثل إسماعيل الوريث، مختار علي، محمد حسين هيثم، شوقي شفيق، عبد الكريم الرازحي وغيرهم، وجميعهم يكتبون القصيدة الحديثة إلا أنهم يتجهون مشارب شتى، سواء في استلهام التراث القديم واستيعابه، أو استخدام العبارة الصوتية ودلالاتها، أو في محاكاة التجارب الشعرية العربية الحديثة، الأكثر تجريبية ونزوعاً نحو الحداثة. -4- ظهرت القصة في اليمن بظهور الصحافة وانتشرت بانتشارها. وقد أشرنا سابقاً إلى ظهور أول قصة حديثة في مجلة "الحكمة اليمانية" في نهاية الثلاثينات. وبعد صدور صحيفة فتاة الجزيرة في عدن، ظهر عدد من الكتابات القصصية كما ظهرت ترجمات لقصص إنجليزية وهندية. وفي الخمسينات تطور فن القصة، وظهر محمد سعيد مسواط الذي نشر قصة "سعيد المدرس" وأحمد محفوظ عمر الذي جمع قصصه الأولى في مجموعة بعنوان "الإنذار الممزق" وعلي باذيب الذي أصدر مجموعته القصصية "ممنوع الدخول" وصالح الدحان الذي أصدر مجموعة قصصية بعنوان "أنت شيوعي"، وعبد الله سالم باوزير الذي أصدر مجموعته القصصية "الرمال الذهبية". وفي الستينات تبرز أسماء جديدة في عالم القصة. مثل محمد عيد الولي الذي نشر مجموعته القصصية الأولى في بيروت بعنوان "الأرض يا سلمى"، وزيد مطيع دماج، كمال حيدر، حسين باصديق، عبد المجيد القاضي، محمد المعلمي، وغيرهم. وقد واصل هؤلاء الكتاب نتاجهم القصصي في السبعينات، وأصدر زيد دماج عدداً من المجموعات القصصية مثل "الجسر" و "العقرب" وأصدر أحمد محفوظ عمر مجموعاته القصصية "الأجراس الصامتة"، "يا أهل هذا الجبل" و "الناب الأزرق". وفي السبعينات ظهرت أسماء جديدة مثل سعيد عولقي الذي أصدر مجموعة قصصية بعنوان "الهجرة مرتين" وميفع عبد الرحمن ومحمد مثنى وعبد الفتاح عبد الولي وشفيقة زوفري وصالح باعامر وعلي صالح عبد الله وزهرة رحمة الله وغيرهم. أما الرواية في اليمن فقد تأخرت نسبياً عن الرواية في الوطن العربي، من حيث الظهور. ولئن اعتبرنا رواية "سعيد" لمحمد علي لقمان أول رواية يمنية، وقد صدرت في 1939، إلا أننا نجد انقطاعاً حتى نهاية الأربعينات حيث تظهر رواية بعنوان "يوميات مبرشت: للطيب فضل أرسلان، وفي نهاية الخمسينات تنشر رواية علي محمد عبده "حصان العربة" ويعيد نشرها بعنوان آخر في الستينات "مذكرات عامل". ويكتب الزبيري رواية "مأساة واق الواق" (1960) كما تظهر روايتا محمد عبد الولي "يموتون غرباء" 1971، و "صنعاء مدينة مفتوحة" 1978، ورواية محمد حنيبر "قرية البتول". كما ينشر حسين باصديق ثلاث روايات هي "طريق الغيوم" 1977، "الإبحار على متن حسناء" 1986 و "عذراء الجبل" 1989. وتظهر رواية "الرهينة" لزيد مطيع دماج و "المرفأ القديم" لمحمود الصغيري و "الصعود إلى الهاوية" لمحمد مثنى، كما تظهر روايتان ليحيى الأرياني "ركام وزهر" و "مشاهد طويلة من الحكاية". ونلاحظ أن الكتابة الروائية أخذت تنمو في العقدين الأخيرين، مما ينبئ بتطور هذا الجنس الأدبي
| |
|