الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الصلاة الشافعية على النبي خير البرية صلى الله عليه وآله وسلم
نص الصلاة، كما هي في كتاب الرسالة:
قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في كتابه (الرسالة) رقم (39):
"فصلَّى الله على نبيِّنا كلَّما ذكره الذاكرون، وغَفَل عن ذكره الغافلون. وصلى الله عليه في الأوَّلين والآخرين. أفضلَ وأكثرَ وأزكى ما صلَّى على أحدٍ من خلقه. وزكَّانا وإياكم بالصلاة عليه، أفضلَ ما زكَّى أحدًا من أمته بصلاته عليه، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته، وجزاه الله عنا أفضل ما جزى مرسلاً عن من أخرجت للناس دائنين بدينه الذي ارتضى واصطفى به ملائكته ومن أنعم عليه من خلقه فلم تمس بنا نعمة ظهرت ولا بطنت نلنا بها حظا في دين أو دفع بها عنا مكروه فيهما وفي واحد منهما إلا ومحمد صلى الله عليه سببها القائد إلى خيرها والهادي إلى رشدها الذائد عن الهلكة وموارد السوء في خلاف الرشد المنبه للأسباب التي تورد الهلكة القائم بالنصيحة في الإرشاد والإنذار فيها فصلى الله على محمد وعلى آل محمد كما صلى على إبراهيم وآل إبراهيم إنه حميد مجيد".
- حول الصلاة الشافعية:
- هذه الصلاة المباركة ذكرها الإمام الشافعي رضي الله عنه في كتابه الرسالة، وقد ذكروا أن أول من صلى بها هو الإمام الشافعي رضي الله عنه، ثم تبعه كثير من العلماء الشافعية وغيرهم على ذلك يتبركون بذكرها في مصنفاتهم، منهم الإمام البيهقي فقد ذكرها في الدلائل وفي السنن الكبرى وفي غير ذلك من مؤلفاته.. ومنهم الإمام النووي، والإمام السيوطي، وغيرهم..
- وقد اعتاد العلماء والصوفية أن يستفتحوا أو يختتموا بها مجالس الدرس والذكر، والمجالس ذات الأهمية.
قال شيخنا رحمه الله تعالى في كتابه (فقه الصلوات والمدائح النبوية) ص 12: وبلغنا من كبارشيوخنا أن لجان امتحان (الشهادة العالمية القديمة) كانت إذا قررت نجاح الطالب ختمت جلستها بهذه الصلاة، تتلوها اللجنة جماعة بصوت واحد رتيب حبيب، ثم يعقبون على الصلاة بقراءة سورة العصر، والتسبيح الوارد في ختام المجالس، فيعلم المنتظرون في خارج قاعة الامتحان أن الطالب قد كتب الله له النجاح.
- قلت: وقد قال ابن الصلاح في علوم الحديث:وليفتتح مجلسه وليختتمه بذكر ودعاء يليق بالحال. ومن أبلغ ما يفتتحه به أن يقول: الحمد لله رب العالمين أكمل الحمد على كل حال. والصلاة والسلام الأتمان على سيد المرسلين، كلما ذكره الذاكرون وكلما غفل عن ذكره الغافلون. اللهم صل عليه وعلى آله وسائر النبيين وآل كل وسائر الصالحين نهاية ما ينبغي أن يسأله السائلون.
و بعد ذلك قال شيخنا رحمه الله تعالى:فتصور أنت مدى معلومات الله ومداد كلماته {وَلَوْ أَنَّ مَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ }، ثم تصور كل ذلك مكررا كلما ذكر الله ورسوله أو لم يذكر الله ورسوله . هذا منتهى الحب. انتهى .
- وقد ذكر بعض السادة العلماء الشافعية أنها أفضل الصيغ في الصلاة، ورجح الإمام النووي رحمه الله تعالى أن الوارد أفضل..
قال الحافظ في الفتح:وَاسْتُدِلَّ بِتَعْلِيمِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ الْكَيْفِيَّة بَعْد سُؤَالهمْ عَنْهَا بِأَنَّهَا أَفْضَل كَيْفِيَّات الصَّلَاة عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَار لِنَفْسِهِ إِلَّا الْأَشْرَف الْأَفْضَل.
وَيَتَرَتَّب عَلَى ذَلِكَ لَوْ حَلَفَ أَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ أَفْضَل الصَّلَاة فَطَرِيق الْبِرّ أَنْ يَأْتِي بِذَلِكَ . هَكَذَا صَوَّبَهُ النَّوَوِيّ فِي " الرَّوْضَة " بَعْد ذِكْر حِكَايَة الرَّافِعِيّ عَنْ إِبْرَاهِيم الْمَرْوَزِيِّ أَنَّهُ قَالَ : يَبَرّ إِذَا قَالَ : كُلَّمَا ذَكَرَهُ الذَّاكِرُونَ ، وَكُلَّمَا سَهَا عَنْ ذِكْره الْغَافِلُونَ .
قَالَ النَّوَوِيّ: وَكَأَنَّهُ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ كَوْن الشَّافِعِيّ ذَكَرَ هَذِهِ الْكَيْفِيَّة . قُلْت: وَهِيَ فِي خُطْبَة الرِّسَالَة ، لَكِنْ بِلَفْظِ غَفَلَ بَدَل سَهَا .
وَقَالَ الْأَذْرَعِيّ: إِبْرَاهِيم الْمَذْكُور كَثِير النَّقْل مِنْ تَعْلِيقَة الْقَاضِي حُسَيْن ، وَمَعَ ذَلِكَ فَالْقَاضِي قَالَ : فِي طَرِيق الْبِرّ يَقُول: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد كَمَا هُوَ أَهْله وَمُسْتَحَقّه ، وَكَذَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيُّ فِي تَعْلِيقه .
قُلْت: وَلَوْ جَمَعَ بَيْنهَا فَقَالَ مَا فِي الْحَدِيث وَأَضَافَ إِلَيْهِ أَثَر الشَّافِعِيّ وَمَا قَالَهُ الْقَاضِي لَكَانَ أَشْمَل، وَيَحْتَمِل أَنْ يُقَال: يَعْمِد إِلَى جَمِيع مَا اِشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ الرِّوَايَات الثَّابِتَة فَيَسْتَعْمِل مِنْهَا ذِكْرًا يَحْصُل بِهِ الْبِرّ ، وَذَكَرَ شَيْخنَا مَجْد الدِّين الشِّيرَازِيّ فِي جُزْء لَهُ فِي فَضْل الصَّلَاة عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَعْض الْعُلَمَاء أَنَّهُ قَالَ: أَفْضَل الْكَيْفِيَّات أَنْ يَقُول: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد عَبْدك وَرَسُولك النَّبِيّ الْأُمِّيّ وَعَلَى آله وَأَزْوَاجه وَذُرِّيَّته وَسَلِّمْ عَدَد خَلْقك وَرِضَا نَفْسك وَزِنَة عَرْشك وَمِدَاد كَلِمَاتك . وَعَنْ آخَر نَحْوه لَكِنْ قَالَ: عَدَد الشَّفْع وَالْوِتْر وَعَدَد كَلِمَاتك التَّامَّة . وَلَمْ يُسَمِّ قَائِلهَا .
وَاَلَّذِي يُرْشِد إِلَيْهِ الدَّلِيل أَنَّ الْبِرّ يَحْصُل بِمَا فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكْتَال بِالْمِكْيَالِ الْأَوْفَى إِذَا صَلَّى عَلَيْنَا فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد النَّبِيّ وَأَزْوَاجه أُمَّهَات الْمُؤْمِنِينَ وَذُرِّيَّته وَأَهْل بَيْته كَمَا صَلَّيْت عَلَى إِبْرَاهِيم " الْحَدِيث، وَاَللَّه أَعْلَم .
- قال شيخ الإسلام أبو يحيى زكريا الأنصاري في أسنى المطالب في شرح روض الطالب:
( وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا) يُقَالُ ( فِي التَّشَهُّدِ ) فِي الصَّلَاةِ، فَلَوْ حَلَفَ لَيُصَلِّيَن عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ إلَخْ، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْك